معاناة الفلاح المصرD

كتبها : ارحل يامجوّعنا في السبت، 18 ديسمبر 2010 | 0 التعليقات

معاناة الفلاح المصرى

تحقيق – سارة مسعد


السوق نار .... الدنيا شايطة .... أسعار السماد وإيجار الأراضى يقفزون بجنون .... والفلاح بين هذا وذاك مطحووووون ؛ وألفة مع الفقر وقناعة بالحرمان من شدة ما أصابه من يأس ؛ فهذا هو حال الفلاح المصرى يفتقد الحياة الوردية .. يشعر دوما بأنه مقهور ومظلوم لكنه صابرا ، يحيا حالة من السوء الشديد ... يعانى من المرض والفقر ... يعانى من الأرض والمحصول الذى لا يغطى تكاليفه وإيجار الأراضى الذى وصل الى 7000 جنيه للفدان والسماد الذى وصل سعره الى 170 جنيها، وبالرغم من هذا يخرج آخر الموسم بلا عائد يجعله قادرا على تلبية احتياجاته واحتياجات أسرته ؛ ليس هذا فحسب بل انه لا يحظى باهتمام الحكومة على الإطلاق فلقد أسقطته من حساباتها وحملته ما لا يطيق وحرمته من كل أشكال الرعاية والإهتمام بالرغم من أنه لولا هذا الفلاح ما أمرع وادى النيل ولا زكا نبته ... فهو لا يتمتع بأى من الميزات التى تقدم للفئات الأخرى سواء أكان تأمينا صحيا أو معاشا شهريا يعينه على مواصلة حياته بعدما يعجز عن العمل ويصبح غير قادر على الزراعة أو يهيىء لأسرته حياة كريمة بعد وفاته ... ومع ذلك يحيا حياته كما هى راضيا بما قسم له فى تلك الدنيا صافى النفس طيب القلب لا يحقد أو يتألم أو يشكو ضنكا .

هل فكرت يوما أن تجلس بجانبه فى غيطه فى وقت الظهيرة تحت ظل الخيمة التى نصبها من ردائه على عصاه وفأسه لتراه كيف يأكل ويشرب ؟!!! وكيف يقضى يومه فى حقله ؟!!! لتراه وتتيقن أنه انسان لا يدرى كيف يستريح ولا يعرف طعم الهدوء .... فهو البائس الشقى الذى يراه الجميع دوما منحنى القامة ... مكبا على الأرض يغرس فيها الحب ويرعى زرعه ، ويحصد اليابس الذى استوى على سوقه وأدى ثمرة لغارسه ، فلم ينل منه الا كسرة معفرة سوداء يأكلها بين زوجته وأولاده فى بيتهما الضيق فمعظهم يحيون فى بيوت من الطوب اللبن تشاركهم فيها الدواب ودواجن الطير وتقاسمهم شظف العيش وبؤسه فى حياتهم .

رفاعى قاسم رجل مسن ومريض بالرئة يبلغ من العمر 50 عاما سنوات عمره قضاها وسط أرضه الزراعية لا يعرف سوى العمل فى الأرض ... يحيا هو وأولاده الخمسة وزوجته فى منزل من الطوب اللبن منهار للغاية يوشك على السقوط ، يعلق دوما آمالا كبيرة على اعادة بناء بيته بعد بيع المحصول لكنه يوفاجأ أنه لا يربح شيئا فى النهاية .. فحلمه دوما أن يزوج أكبر أبناءه الذى تجاوز عمره الثلاثون عاما ولم يستطع الزواج حتى الآن لأنه لا يملك ما يعينه على اتخاذ تلك الخطوة .

ظروف الحياة القاسية أجبرت رفاعى على أن يخرج اثنين من أولاده من المدرسة ليساعدوه فى أعمال الزراعة ويعينوه على توفير متطلبات الحياة اليومية ويا ليتهم يزرعون فى أرضهم بل انهم يزرعون فى أراضى الآخرين ... ويا ليتهم يستطيعون توفير متطلبات الحياة اليومية بل يضطرون فى أحيان كثيرة الى الإستدانة من الآخرين .

أحد أبنائه أثناء خروجه للعمل فى التراحيل تعرض لحادث نتج عنه فقدانه لإصبعين من يديه .

أما محمد فتحى فحاله لا يختلف كثيرا عن حال رفاعى فهو أيضا فلاح بسيط يتصبب جبينه عرقا وهو هادى ساكن لا يشكو تعبا ولا يتبرم بعيشه ، يمضى فى حياته قانعا بكل حال راضى بستر ربنا بالرغم من أن طفله الوحيد الذى رزق به فى تلك الدنيا مصاب بهشاشة العظام وعلاجه يكلفه أكبر من دخله بكثير ؛ لكن شكواه التى يحبسها بداخله ما هى الا علامة على بؤسه ويأسه واستسلامه .
فهكذا يحيا الفلاح المصرى ينتظر حصاد المحصول فى كل عام معلقا عليه آمالا كثيرة لتنهار تلك الأمال والأحلام بعد بيعه وبعدما يتبين له أن المحصول لا يغطى تكاليفه ؛ وبالرغم من كل هذا الشقاء والحرمان الإ أنه لا يعرف من الحياة سوى الإخلاص والحب .